السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إصلاح النفوس
إن الله جل و علا بعث الأنبياء و المرسلين عليهم الصلاة و السلام و أنزل الكتبَ و شرع الأحكام لتطهير القلوب من أدرانها و تزكية النفوس ، و أصل ذلك و أساسه توحيد الله و عبادته وحده لا شريك له ، قال الله تعالى :( و ما أرسلنا من قبلك من رسول غلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء 25 ]
إن الإصلاح هو عمليّة إنقاذ النفوس و القلوب من ظلمات الجهل و الشرك و البدعة و المعصية إلى نور العلم و التوحيد و السنة و الطاعة ، قال الله تعالى : ( أومن مان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُيّن للكافرين ما كانا يعملون ) [ الأنعام 122 ]
و بذلك تعمر البواطن بالإيمان و التقوى و الإخلاص و المراقبة و المحبة و الخوف و الرّجاء ، و تصلح الظواهر بالعمل بالشريعة السَّمْحَةِ و السنّة المطهرة ، و تظهر عليها الأخلاق الحسنة و المعاملات الطيّبة .
إن إصلاح الفرد و المجتمع و الأمة هو السبب في رجوع مجد المسلمين الأصيل ، و عودة عزهم الأثيل ، قال الله تعالى : ( و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين ) [ المنافقون 08 ]
و هو سبب كذلك لنيل الرّفعة و الشرف و البعد عن الهلاك و التلف ، و إنتشار الأمن السلام و حلول الأمان و الوئام ، قال الله تعالى : ( و العصر -1- إن الإنسان لفي خسر -2- إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر -3-) [ العصر 1-3 ]
و قال النبي صلى الله عليه و سلم : " بدأ الإسلام غريبا و سيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء " 1 قيل : من هم يارسول الله ؟ قال : " الذين يصلحون إذا فسد الناس " 2
و هو سبيل النصر و التمكين و الإنتصار على أعداء الدين . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ) [ محمد 07 ]
و هو كذلك سبيل النّجاة من الفتن و طريق السلامة من المحن ، قال النبي عليه الصلاة و السلام : " و الذي نفسي بيده لتأمرُنَّ بالمعروف و لتنهَوُنَّ عن المنكر أو ليوشِكَنَّ الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعوُنَّهُ فلا يستجيب لكم " 3
إن شخصية المسلم المنشودة و مكناته المفقودة لن تعود إلا بالصلاح و الإصلاح بالمعنى الشرعيّ الصحيح ، و من رام الوصول إلى ذلك دون تحقيق التوحيد الخالص و العبادة الصحيحة و الأخلاق الحسنة و الاجتماع على الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة ، فمرامه ضرب من المحال .
و صدق الإمام مالك ، إمام دار الهجرة رحمه الله حيث قال : " لا يصلح آخرُ هذه الأمة إلا بما صلح به أولُها " .
فنسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يجعلنا صالحين مصلحين ، هداة المهتدين ، و الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله و سلم و بارك على عبده و نبيه محمد و على آله و صحبه أجمعين
[ من مجلة الإصلاح العدد الأول (محرم - صفر 1428 هــ - - الجزائر - ) بالتصرف ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - اخرجه مسلم من حديث ابي هريرة (145)
2 - أنظر : ] الصحيحة [ (1273 )
3 - رواه أحمد (23620 ) ، و الترمذي ( 2169 ) ، و قال : " هذا حديث حسن "